Blogs » Family & Home » ليست كما يبدو
في الزاويةِ ذاتِها من الغرفةِ القديمة، تنام الأرواح التي لم تغادر قط. البيت؟ لم يعُد جدرانًا وسقفًا. بل صار ذاكرةً متجمّدة، غارقةً في الصمت، كأنّ الزمنَ توقف عند لحظةِ رحيلٍ لم تُكتمل. كلّ شيءٍ فيه ينطق... لكنه لا يُسمع. الصور المعلّقة، الأرائك المهترئة، رائحة القهوة الباردة على الطاولة… كلها شهود على حكايات لم تُروَ، على أسرار مدفونة بين جدارين، وعلى دموعٍ بلّلَت وسائد كثيرة... دون أن تثير فضول أحد. في هذا البيت، العائلة لا تعني الحضن، بل المسؤولية الثقيلة، الأسئلة التي لا تُطرح، والقيود التي تُوشى باسم الحب. كأنّ البيت كان مسرحًا كبيرًا لمأساة لا يُصفّق لها أحد، ممثلون يتقنون التظاهر بالسعادة، بينما قلوبهم تهتف: "أنقذوني، ولو بالصراخ." أصواتُ العتاب المؤجّل تتردّد في الليل، حين ينام الجميع، ويستيقظ الصمت ليفتش عن ضحية جديدة. كل أمّ لم تُكمل جملتها. كل أبٍ كان يخاف أن يكون هشًا. كل ابنٍ حلم بالهروب ولم يفعل. كل فتاةٍ سُحقت تحت ثقل "العيب". هل هذا بيت؟ أم سجنٌ بواجهة دافئة؟ هل العائلة عزاءٌ أبدي؟ أم الجرح الذي لا يُشفى لأنّه "قريب من القلب"؟ ربما... ليست كل العائلات مأوى. بعضها عاصفة. بعضها مقبرة. وبعضها ابتسامة كاذبة تُخفي ألف خيبة. لكننا رغم كل شيء... نعود. ربما لأن فينا شيئًا من الحنين المرضي. أو لأنّنا نؤمن بخرافة اسمها: "سيتغيرون."